لماذا لن يحل الذكاء الاصطناعي محل مختبري البرمجيات
إذا كان التنبّؤ بأن الذكاء الاصطناعي سيقضي على معظم الوظائف يقترب من الحقيقة، فهناك مهنة واحدة ستبقى بالتأكيد وهي اختبار البرمجيات. سيصبح مختبرو البرمجيات حرّاس الجودة والأخلاق والسلوك في الأنظمة التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي. دعونا نتفحّص خمسة أسباب تجعل ذلك صحيحًا لا سيّما في حالة مختبري البرمجيات الحاصلين على شهادات.
1 – اللمسة البشرية في عالم الذكاء الاصطناعي
النقطة الأولى والأكثر أهمية التي يجب مراعاتها هي العنصر البشري الذي لا يمكن تعويضه والذي يقوم به مختبرو البرمجيات. إن الذكاء الاصطناعي – على الرغم من قفزاته في المنْطِق والمعالجة – يفتقر إلى اللمسة البشرية (الحَدْس) والقدْرة على إدراك الفروق الدقيقة والحكم الأخلاقي وهذه الأمور هي طبيعة ثانية للبشر. يعمل مختبرو البرمجيات بمثابة الواجهة البشرية المهمّة مما يضمن توافق أنظمة الذكاء الاصطناعي ليس فقط مع المواصفات الفنية ولكن أيضًا مع القيم الإنسانية والأعراف المجتمعية.
2 – شبكة الأمان في تنفيذ الذكاء الاصطناعي (Safety Net)
تُعَد السلامة في تطبيق ونشْر الذكاء الاصطناعي مصدر قلقٍ بالغ ويقف مختبرو البرمجيات في طليعة ساحة المعركة هذه. إن خطر السماح لأنظمة الذكاء الاصطناعي بالتحقق من صحة الذات (self-validate) يشبه حلقة الطاقة التي لم يتم التحقق منها. لايمكن للذكاء الاصطناعي أن يكون أداة الاختبار الوحيدة لذاته. لذلك يوفر مختبرو البرمجيات شبكة أمان ويقدّمون منظورًا موضوعيًا وحاسمًا يمنع أنظمة الذكاء الاصطناعي من العمل بطُرُق قد تكون ضارّة أو غير مقصودة. أيضًا يُعَد دورهم حاسمًا في القطاعات التي تكون فيها المخاطر أعلى مثل الرعاية الصحية والسيارات والفضاء والدفاع والبنية التحتية العامة.
3- ضمان الجودة لدى مختبري البرمجيات الحاصلين على شهادات
نظرًا للطبيعة الحاسمة لهذا الدور، فمن المهم التمييز بين مختبري البرمجيات الهواة ومختبري البرمجيات الحاصلين على شهادات. يُظهِر التحليل أن مشاركة مختبري البرمجيات الحاصلين على شهادات يؤدّي إلى كفاءة اكتشاف العيوب بنسبة تزيد عن 99% ويُعَد هذا الفرْق كبيرًا مع معدّل الكفاءة البالغ 35% عندما يقوم الهواة مثل المطوّرين بإجراء الاختبار. علاوة على ذلك، فإن معدّل ظهور مشكلات جديدة مع إصلاح المشكلات الحالية ينخفض بشكل ملحوظ مع مشاركة مختبري البرمجيات الحاصلين على شهادات. هذه البيانات ليست مجرّد شهادة على مهارة مختبري البرمجيات الحاصلين على شهادات ولكنها تذكير بأنه لا غنى عنهم لهذا الدور الحاسم للجودة.
4- التعقيد المتطوّر للذكاء الاصطناعي (Evolving Complexity)
مع ازدياد تعقيد أنظمة الذكاء الاصطناعي، يزداد احتمال حدوث مشكلات معقدة وغير متوقعة. لهذا مختبرو البرمجيات هم ضروريّين في التغلّب على هذا التعقيد وتوفير مستوى من الخبرة والفهم والقدْرة على التكيّف والتي لا يستطيع الذكاء الاصطناعي في حالته الحاليّة تحقيقه. يتطوّر دور مختبري البرمجيات من مجرّد تحديد العيوب إلى كونِهم مهندسين لموثوقية الذكاء الاصطناعي والاعتماد عليه.
5- الوصاية الأخلاقية للذكاء الاصطناعي
هناك جانب حيوي آخر غالبًا ما يتم التغاضي عنه وهو دور مختبري البرمجيات كأوصياء أخلاقيين. عندما يبدأ الذكاء الاصطناعي في اتخاذ قرارات تؤثر على حياة البشر، تصبح الآثار الأخلاقية مصدر قلقٍ بالغ. يعمل مختبرو البرمجيات كنقطة تفتيش مما يضمن التزام أنظمة الذكاء الاصطناعي بالمعايير الأخلاقية والمعايير المجتمعية. ويكتسب هذا الدور أهمية متزايدة ونحن نتصارع مع الآثار الأخلاقية للذكاء الاصطناعي في الحياة اليومية.
وفي الختام..
إن مختبري البرمجيات هم البشر الذين لايمكن استبدالهم أبدًا في المستقبل الذي يهيمن عليه الذكاء الاصطناعي ويتجاوز دورهم مجرّد الإشراف الفني لأنهم حرّاس السلامة والأخلاق والموثوقية في عالم مليء بالأتمتة. ومع تعمّقنا في الذكاء الاصطناعي، ستتزايد الحاجة إلى مختبري برمجيات ماهرين وبصيرين وأصحاب شهادات وأخلاقيين. إنهم لا يواكبون التقدّم التكنولوجي فحسب، بل إنهم يعملون بنشاط على تشكيل مستقبل يخدم فيه الذكاء الاصطناعي البشرية بأمان ومسؤولية. في مستقبلنا القائم على الذكاء الاصطناعي، فإن مختبري البرمجيات ليسوا مجرّد مشاركين بل هم المهنيّين الذين يضمنون أن هذا المستقبل آمن وأخلاقي ومتوافق مع القِيَم الإنسانية.
بالتوفيق للجميع…
* المصدر: https://astqb.org/the-last-job-standing-in-an-ai-world-software-testing
** الصورة من موقع: https://kms-technology.com
لا توجد تعليقات